الوعي النقدي وحدود التجديد في شعر علي أحمد باكثير

د. عبد المُطلب أحمد جبر

لا تُذكَر قضيَّة التجديد والرِّيادة في الشعر العربي الحديث المعاصر إلا ويكون علي أحمد باكثير (1910-1969م) أحدَ الشُّعَراء الذين أسهَمُوا في هذا المسار؛ فهو عند طائفةٍ من الدارسين يُمثِّل الرِّيادة الفنيَّة، وعند آخَرين الرِّيادة التاريخيَّة، وبقدر ما يتداخَل هذان الخطَّان تتأرجَحُ مكانة باكثير في خطِّ تطوُّر التجديد في الشعر العربي، وعلى كثْرة الدراسات التي أُفرِدت للشاعر أو تناوَلَتْه في إطار تطوُّر الشعر العربي الحديث، فإنَّ هذه الدراسة تتَّجه إلى رصْد مَسار الوعي التجديدي وحُدود الإنجاز الشعري ومَدَى عكسه لهذا الوعي، وتتَّخذ الدراسة من الميراث الشعري الذي ترَكَه الشاعر وكِتاباته مصدرًا أساسًا دون أنْ تغفل الالتفات إلى كثيرٍ من الدراسات الجادَّة، وبين هذه وتلك نضَعُ رأيًا دون شَطَطٍ أو إجحاف، فقد عاش الرجل طول حياته مُتطلِّعًا إلى القِيَم العُليا، ولا أشكُّ أنَّ الحقيقة والإنصاف كانا جزءًا من هذه القِيَم والمُثُل، فهل نستطيع الإنصاف بأنْ نضع الشاعر في الموقع الذي يستحقُّه في إطار حركة التجديد في الشعر العربي الحديث؟ لن يتمَّ ذلك إلا من خِلال نظرةٍ فاحصةٍ إلى مِيراثه الشعري وناقدةٍ له، ومدى ما يشفُّ عنه من وعي نقدي تجديدي؛ “حتى لا يتحوَّل باكثير إلى مجرد ذكرى أدبيَّة أو سيرة ذاتيَّة، بل لا بُدَّ من أنْ نُصيِّره مدرسة فكريَّة نبني عليها صرحًا جديدًا”، فما حُدود التجديد في نِتاج باكثير الشعري؟[1]

إنَّ أهمَّ نصٍّ نقدي ترَكَه باكثير بين يدينا هو كتابه “فن المسرحية من خلال تجاربي الشخصية”، الصادر أوَّل مرَّة عام 1958م، والكتاب مزيجٌ من السيرة الأدبية والآراء النقدية، خاصَّة ما يتعلَّق بالفن المسرحي كما يشير العنوان، وتكشف الصفحات الأولى من الكتاب عن طُمُوح الشاعر وحُلمِه في أنْ يُصبِح شاعرًا كبيرًا؛ لهذا لم يدعْ ديوانًا لشاعرٍ من الأقدمين والمحدَثين وقَع في يدَيْه إلا قرَأَه، ويشير بإعجابٍ إلى شاعرين: المتنبي وشوقي[2].

ويكشف نتاجه المبكِّر كما ظهر في ديوان “أزهار الربى في شعر الصبا”[3] الذي حقَّقه د. محمد أبو بكر حميد، وصدر بعد وفاته بما يقرب من عقدين عن استيعابٍ مذهل للشعر العربي القديم وشعر الإحياء، كما ينضَح عن ثقافةٍ أدبيَّة ربما تجاوَزت عمره آنذاك، وبالرغم من أنَّ الشاعر لم يخرج عن إطار الإدراك الوجداني وحُدود الرؤية الفنيَّة التي يعكسها الشعر العربي القديم، إلا أنَّنا نلحَظُ مقدرةً في سَيْطرته على اللغة ومُزاوجة بين المعجم التراثي ولغة العصر، وربما كان لافتًا لِمَن يقرأ الديوان غيابُ باب المديح من أبواب الشعر التي نظَم فيها، وقد كان حلمًا لبعض شعراء الإحياء ألاَّ يطرقوا هذا الباب بعد أنْ تراكمت عصورٌ ارتبط فيها المديح بالتكسُّب والمنفعة، نلحَظُ ذلك في مقدمة شوقي لديوانه، والانحِسار اللافت للنظَر لشعر المديح في دِيوان البارودي، وربما تسَلَّل شيءٌ من ذلك إلى روح باكثير، وفي قصيدةٍ تقدم مفهومًا لوظيفة الشعر يقول باكثير[4]:

وَأَعِنِّي عَلَى الْمَدِيحِ فَطَرْفِي
فِي الأَمَادِيحِ ظَالِعٌ مُتَوَانِي
لَيْسَ مَيْدَانِيَ الْمَدِيحُ وَلَكِنْ
وَصْفُ مَا بِي مِنَ الْهَوَى مَيْدَانِي

وربما عبَّر هذان البيتان عن رغبةٍ مُبكِّرة في الخروج من إسار الاجترار للمعاني التي تواتَرتْ في ديوان الشعر العربي القديم، ورغبة في الإفصاح عن الوجدان الخاص، وهو ما أدَّى به لاحِقًا إلى مَشارِف المنزع الرومانسي.

وإذا تجاوَزْنا قصيدته (لمن طلل)[5] التي تقتَفِي خُطَى الشاعر البدوي في الصحراء نستطيع القول باطمئنان: إنَّ شيئًا من رذاذ العصر يتناثَرُ على كثيرٍ من قصائد الديوان، وأقصَى ما يكون ذلك في الاقتراب من لغة الشعر الإحيائي المجدد كما يُمثِّله شعرُ حافظ وشوقي، وقد كان الاثنان أثيرَيْن لديه حيث قال[6]:

يَا لَيْتَ مِصْرَ تُوَافِينِي وَتُسْلِفُنِي
بَيَانَ (حَافِظِهَا) فِي شِعْرِ (شَوْقِيهَا)

أمَّا صحيفة “التهذيب”[7] التي أصدَرَها باكثير مع آخَرين في حدود عام 1931، فتُصوِّر المنزع التجديدي المستنير في الفكر والأدب لدى الطليعة من جيله، وقد جاء في مقدمة العدد الأول أنَّ الصحيفة تصدر (عن منهج تنويري)[8]، وتُبيِّن لنا بعضُ أعداد الصحيفة أنَّ القِراءات الشعريَّة كانت مصحوبةً بقراءات في التراث النقدي العربي، وربما كان عرضه لكتاب (الآمدي) في عددين متواليين[9] دليلاً يكشف لنا صورةً للوعي الذي تشكَّل في مراحل النشأة الأولى، خاصَّة أنَّ الكتاب يُوازِن بين شاعرين يختصران النظريَّة النقديَّة الأولى لعِيار الشعر عند العرب: العمود والخروج عليه.

تلك هي حُدود الوعي الشعري والنقدي كما بيَّنَتْها المصادر المشار إليها، ثم يأتي المنعطَف الأول في حياة الشاعر الأدبيَّة والفكريَّة إثْر رحيله عن حضرموت عام 1932م في هِجرته الطويلة إلى مصر مُرورًا ببعض المدن والأقطار، فأقام في الحجاز مدَّة عامين (1932-1934م)، قبل أنْ يستقرَّ في مصر بعد ذلك، وفي الحجاز قرَأ مسرحيَّات شوقي ولم يكن له قبل ذلك اطِّلاع على هذا اللون من الشعر، لقد هزَّتْه هذه المسرحيَّات من الأعماق كما يقول، وتحت هذا التأثير كتَب باكثير مسرحيَّته الشعريَّة الأولى “همام… أو في عاصمة الأحقاف”[10]، وبقدْر ما في هذه التجربة من دلالةٍ على الرغبة في الخروج من سَطوة الصوت الواحد، فإنها تدلُّ من جانبٍ آخر على انهيار قَداسة الشكل البيتي المغلَق ذي البناء التراكُمي والبُعد الغنائي الطاغي، وستتَّخِذ هذه التجربة بُعدًا آخَر في مسرحيَّاته وقصائده في زمنٍ لاحق، لقد تحدَّث باكثير عن تجربته الأولى هذه ووصَفَها بأنها لا تعدو أنْ تكون (قصائد ومقطوعات)[11]، وهو الرأي النقدي الذي خلص إليه الدارسون وهم يتناوَلون بالنقد مسرحيَّات شوقي الشعريَّة، حيث رأوا أنَّ شوقي عالَج الدراما بأدوات الشعر الغِنائي ووسائله، ولا يُخطِئ ذهن الدارس تلك المشابهة في الشخوص والأجواء والحوار في هذه المسرحيَّة وما يجدُه في مسرحيَّة “مجنون ليلى”؛ لشوقي، وكان باكثير قد أستَلهَم فَضاءَ البادية وشَواخصها في مسرحيَّته تلك[12].

لقد جاء حُكم باكثير وتقويمه لمسرحيَّته تلك في سنوات التدرُّج في التطوُّر الأدبي والنقدي بعد أنِ التحَقَ بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًّا)، حيث اتَّجه في دِراسته إلى الأدب الإنجليزي، ولم يكن له هذا الوعي الأدبي في الحجاز بعد فَراغه من كتاباتها، ومن نِتاج مرحلة الحجاز غير هذه المسرحيَّة، مجموعةٌ من القصائد أطلَقَ عليها باكثير عنوان (الحجازيات)[13] في إشارةٍ إلى مكان كتابتها لا موضوعاتها، وهذه القصائد تسجيلٌ لكثيرٍ من الأحداث الوطنية والقومية والإسلامية تُفصِح عن مواقف الشاعر تجاه هذه الأحداث، وبعض هذه القصائد من نوع المراسلات الشعريَّة مع أدباء الحجاز، وقد جمَع وحقَّق د. محمد أبو بكر حميد هذا الديوان وأظنُّه تحت الطبع[14]، ولم يطرأ أيُّ تحوُّل جوهري في كتابة القصيدة خِلال إقامته في الحجاز، ويمكن أن نعدَّ قصيدته (نظام البردة أو ذكرى محمد – صلَّى الله عليه وسلَّم) التي كتبها سنة (1933م) أقصى ما وصَلتْ إليه القصيدة البيتية في شعره إحكامًا وبناء، وهي تُفصِح عن مَزيجٍ من الشجن والسموِّ الروحي الرفيع… وهذه المطوَّلة تُجسِّد في نسيجها ثقافةً باكثير الشعريَّة ومثاله الفني وقراءاته الشعرية ومخزون ذاكرته من الموروث، وهي بعد ذلك معارضة لبردة البوصيري واستهلالها[15]:

يَا نَجْمَةَ الأَمَلِ المَغْشِيِّ بِالأَلَمِ
كُونِي دَلِيلِيَ فِي مُحْلَوْلِكِ الظُّلَمِ
فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي القَرِّ حَالِكَةٍ
صَخَا بِهِ بِصَدَى الأَرْوَاحِ فِي الدِّيَمِ

وهذه الْمُطوَّلة يُمكِن النظَر إليها من زاوية النُّضج الفني، حيث استَوعَب الشاعر تقاليدَ بناء القصيدة على وفق المنهج التراثي الذي يمتدُّ من البواكير ويصلُ مرحلة الاستواء والترسُّخ، كما تُظهِره القصيدة، إنها خاتمة المرحلة الأولى، وفي مصر ستبدأ المرحلة الثانية بكلِّ تنوُّعها وخصبها، وربما كانت سنوات الإقامة والدراسة في مصر أهمَّ منعطف في حياة باكثير الأدبيَّة، لقد غيَّرت دِراسته للأدب الإنجليزي من نَظرته لمفهوم الأدب كله، وجعلَتْه يُعِيد النظر في المقاييس الأدبية[16] لقد انجذب إلى المسرحيَّة بصورتها الشكسبيريَّة.

وتعبيرًا عن هذه الفتنة بدأ نشاطًا أدبيًّا جديدًا في حَياته هو الترجمة الأدبيَّة والإبداع من خِلال هذه الترجمة ولشكسبير بالذات؛ لأنَّه يشبع نزوعًا في ذاته من حيث الجمع بين الفن القديم الأثير لديه والدراما: الفن الجديد، فكانت ترجمتُه لفُصولٍ من مسرحيَّته “الليلة الثانية عشرة” على طريقة الشعر المقفَّى ونشرها في “الرسالة”[17]، وتظهر المقاطع الأولى للترجمة مدى الجهد الذي بذَلَه للارتِقاء بنسيج النص، ويَظهر ذلك عند قِراءتنا للمشهد الأوَّل؛ حيث التخفُّف من جَهامة اللغة التي ألقَتْ بظِلالها على كثيرٍ من قصائده المبكِّرة، ويبدو أنَّ مُرور عامين على إقامته في مصر أحدث تخففًا من نمط التراكيب والقوالب الجاهزة وأصداء الزمن الشعري القديم، وربما كان فيما نشَرَه على صفحات “الرسالة” و”أبولو” دليلٌ على ما نقول ومن ذلك نُقدِّم هذا المقطع من قصيدة “البعث”[18]:
مَاتَ الغَرَامُ وَقَدْ بَكَيْتُهْ
وَرَثَيْتُهُ مَا قَدْ رَثَيْتُهْ
كَفَّنْتُهُ وَدَفَنْتُهُ
وَبِدَمْعِيَ القَانِي سَقَيْتُهْ
وَأَتَى الزَّمَانُ يَصُورُنِي
عَنْ ذِكْرِهِ حَتَّى سَلَوْتُهْ
يَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ عَا
دَ إِلَى الْحَيَاةِ اليَوْمَ مَيْتُهْ
وفي هذا العام
(1936م) أكمَلَ ترجمتَه لفصول مسرحيَّة شكسبير “روميو وجوليت”، وقد وصَف باكثير الظروفَ التي أحاطت بهذه الترجمة ووصفها بالمحاولة الجديدة[19]، مقارنة بترجمته السابقة لمشهد من مسرحيَّة شكسبير التي أشَرْنا إليها، وكانت هذه الترجمة فاتحةً للمعركة الأدبية والنقدية التي أُثِيرت لاحقًا حول البدايات الأولى (للشعر الحر) وفق التسمية التي شاعَتْ لاحقًا، ويمكن أنْ نعدَّ مقدمة ترجمته لـ”روميو وجوليت” أقدم وثيقة نقدية تقدم تنظيرًا واعيًا للأساس العروضي والإيقاعي لهذا الشعر، الذي اتَّضحت صورته في نهاية الأربعينيَّات وبداية الخمسينيَّات؛ إذ أورد في هذه المقدمة هذا الأساس موضحًا: “والنظم الذي تراه في هذا الكتاب هو مزيجٌ من النظم المرسل المنطلق والنظم الحر، فهو مُرسَل من القافية، وهو منطلقٌ لانسيابه بين السطور، فالبيت هنا ليس وحدةً، وإنما الوحدة هي الجملة التامَّة المعنى التي تستغرق بيتين أو ثلاثة أو أكثر دون أنْ يقف القارئ إلا عند نهايتها، وهو – أعني النظم – حر كذلك لعدم التزام عدد معيَّن من التفعيلات في البيت الواحد[20]، ويبدو أنَّ هذا الوعي النقدي لبنية الشعر الدرامي قد كان تتويجًا لتجاربه الشعريَّة بين عامي (1934-1936م)؛ إذ نلحظ – تأكيدًا لما سبقت الإشارة إليه – تحوُّلاً واضحًا في النسيج الفني لقصائده خلال هذه الأعوام من إقامته في مصر، ورافَق ذلك شيءٌ من التغيير في البناء والمعمار والصور والتراكيب، تدلُّ على ذلك قصائده: (الشاعر وسريره)، (بين الهدى والهوى)، (أغنية النيل حواء)، (غرور الفنان وعقابه)، التي نُشِرتْ على صفحات “الرسالة” في هذه السنوات من الثلاثينيَّات، إذا قارنَّا هذه القصائد بتلك التي كتَبَها قبل هجرته[21].

ونقتطع من قصيدته (أغنية النيل) هذا المقطع[22]:
وَالزَّوْرَقُ النَّاعِسْ
يَغْفُو عَلَى الْمَاءِ
كَالْبَائِسِ الْيَائِسْ
فِي وَسْطِ نَعْمَاءِ
يُرَتِّلُ الشِّعْرَ
مِجْدَافُهُ اللاَّغِبْ
يُشَيِّعُ العُمُرَ
وَيَنْدُبُ الصَّاحِبْ
يَجْرِي فَيَرْعَاهُ
فِي أَلَمٍ بَالِي
يُهِيجُ مَسْرَاهُ
ذِكْرُ الْهَوَى الْخَالِي
غَنَّى بِهِ الْمَلاَّحْ
أُغْنِيَّةَ الْحُبِّ
يُكَرِّرُ التَّصْدَاحْ
بِالنَّغَمِ العَذْبِ
يَمُدُّهَا: يَا لَيْلْ
يَا لَيْلِي يَا عَيْنِي
مُنَادِيًا بِالْوَيْلْ
مِنْ أَلَمِ البَيْنِ
ومن الدارسين
مَن لاحَظَ في شِعره خِلال هذه السنوات صِراعًا حادًّا بين المحافظة والتجديد بالمعنى الفكري والفني، وربما كان كما يقول د. السومحي “ذا شخصيَّتين منفصلتين: شخصيَّة أدبيَّة محافظة، وشخصيَّة أدبيَّة مُتطلِّعة إلى التجديد، فكان ينشر شعره الوطني والإسلامي في مجلة “الفتح” و”المسلمون”، وينشر شعره المتجدِّد في موضوعاته وألفاظه والشعر الغزلي في مجلتي “أبولو” و”الرسالة”[23].

ولم يكن الشكل الإيقاعي الذي تَوصَّل إلى التنظير له إلا صورةً من صور تطلُّعه إلى التجديد، وهو يبحَث عن الشكل الملائم للدراما الشعريَّة وإيجادها في الأدب العربي الحديث، وكان هذا (الشعر المرسل) اكتشافًا يقدم البديل الإيقاعي الذي يتيح للقصيدة العربيَّة التطوُّر والنماء والاستجابة لحركة الحياة وتجدُّدها، لقد قادَت المحاولة الأولى لترجمة بعض أعمال شكسبير إلى الدخول في تجربة التأليف المسرحي الشعري، فكتب مسرحيَّته “أخناتون ونفرتيتي” 1938م، وقد كان تأليفها على وفق مفهومه الذي قدَّمَه بين يدي ترجمته “روميو وجولييت”، مستخدمًا في تجربته هذه تفعيلة بحر (المتدارك) فقط في المسرحية كلها، بخلاف ما استخدمه في ترجمته من الجمع بين عدَّة أبحر وفقًا لما يتطلَّبه كلُّ موقف، وكانت نتيجة تجربته في التأليف مريرة؛ إذ لم تلقَ الاستجابة التي كان يحلم بها، وهذا ما جعَلَه يصرف النظر عن التفكير في التأليف المسرحي على النمط الشكسبيري وجعلَتْه تجاربه يقطع بأنَّ “النثر هو الأداة المُثلَى للمسرحيَّة… وأنَّ الشعر لا ينبغي أنْ يُكتَب به غير المسرحيَّة الغنائيَّة التي يُراد لها أنْ تُلحَّن وتُغنَّي؛ أي: (الأوبرا)[24] لكن (باكثير) حين يعرض لجماليَّة الشعر والنثر، وتوظيفهما في الدراما يلتَفِت إلى مسألةٍ أعمق ربما التفت إليها الشعراء اللاحقون في سِياق التمييز بين التعبير الشعري والتعبير النثري عن الموضوع الدرامي الواحد، ويتمثَّل ذلك في أنَّ الشعر في المسرح قد “يمنَحُه قوَّة في التعبير لا يمنحها له الكلام المنثور”[25].

كما أنَّه قد أدرك أيضًا اضطراب مفهوم (المرسل) في التجارب التي سبقَتْه، وكان هذا الاضطراب أو سوء الفهم هو ما اتَّضح في تجارب شكري والزهاوي بين عامي (1905م-1909م) قبل ذلك[26]؛ إذ جاءت قصائدهم التي أطلقوا عليها تسمية (الشعر المرسل) أقرَب إلى رُوح القصيدة البيتيَّة، في حين أدرك باكثير أهميَّة التعليق أو التضمين الذي أشار إليه العروضيُّون؛ لأنَّ تسميته لهذا الشكل الشعري قد حددت بقوله: (المرسل المنطلق) Running Blank verse، وقد أوضحه بقوله: “وهو منطلقٌ لانسيابه بين السطور”، وهذه الخاصيَّة هي التي جعَلتْ وحدة القصيدة تتمثَّل في الجملة بدلاً من البيت، ويمكن أنَّ نلتَقِط مَدَى استِيعاب الشاعر لذلك من خِلال هذا المقطع الذي أورَدَه على لسان (بنفوليو) صديق روميو[27]:

تُطْفَأُ النَّارُ بِنَارِ ويسرس

ألم وقع سواءه، وَالأَسَى يَمْحُو الأَسَى

مَنْ يَدُرْ يَشْكُ دُوَارًا فَإِذَا ما

دارَ عَكْسَ الدَّوْرَةِ الأُولَى صَحَا

خُذْ بعَيْنَيْك سمامًا رُبَّمَا يَقضِي على السمِّ القَدِيم

وقد لفت استيعاب باكثير لتدفُّق المعنى نظَر بعض الدارسين الذين رأوا أنَّ عدم انتِظام عدد التفعيلات واطِّراد التضمين وجعل الفقرة وليس البيت أساس وحدة المعنى يبين أنَّ باكثير “استطاع أنْ يخطو بالشعر المرسل خُطوة ثوريَّة إلى الأمام، وذلك بتطويره إلى الشعر غير المنتظم (Verse Irregler)، وهي الطريقة التي واصَل استخدامها الشعراء الشبَّان الذين بدَؤُوا الكتابة في خواتيم الأربعينيَّات”[28].

ولأنَّ هذه التجربة كانت فاتحةً لحركة شعريَّة أوسع فقد استفاض كثير من الدارسين في تناولها، خاصَّة حين يتعلَّق الأمر بالرِّيادة ” [29].

أمَّا خارج إطار التأليف المسرحي شعرًا الذي حسَم باكثير أمره بعد أنِ اتَّجه إلى النثر، فنجدُ باكثير يستَلهِم تجربته في الشعر المرسل كما قدَّمه لتوظيفها في الشعر الغنائي، ولماذا لا يتَّجه إلى ذلك وقد أحسَّ بنُشوء التجربة وجسارتها، وربما حاول أنْ يُؤسِّس له تاريخًا في تطوير القصيدة العربيَّة من خِلال إثراء بنيتها الموسيقيَّة، بعد أنْ خذلته تجربة المسرحيَّة الشعريَّة وإحساسه بالمرارة لضعْف الاستقبال عند نشره لـ”أخناتون ونفرتيتي” كما يذكر، وكان مصطلح الشعر الحر قد شاعَ مع تجارب أبي شادي خاصَّة في ديوانه “الشفق الباكي” 1926م، ومع انتشار حركة الترجمة الأدبيَّة وشيوع التأثير الأوربي في الأدب العربي في الربع الأول من القرن العشرين، وفي هذا الإطار ينشر باكثير قصيدة بعنوان (نموذج من الشعر المرسل الحر) ومنها نقدم المقطع الآتي[30]:

عَجَبًا كَيْفَ لَمْ تَعْصفْ بِالدُّنَى زَلزَلة

كَيْفَ لَمْ تهوِ فَوْقَ الثَّرَى شُهُبٌ مُرسَلة

يَا لَهَا مَهْزَلَة

يَا لَهَا سَوْءَة مُخجِلة

وهي قصيدةٌ طويلة التزم فيها تفعيلة (المتدارك) مع تراوُح في عددها من سطرٍ إلى آخَر، والقصيدة من زاوية الموضوع تُعبِّر عن موقف باكثير الانفعالي من سياسة فرنسا في بلاد الشام، أمَّا من زاوية الوعي الفني فإنها تُعبِّر عن إدراكٍ واعٍ لتصدُّع الشكل الشعري القديم وإحلال السَّطر الشعري بدلاً من البيت، وإن لم تتحرَّر من مناخ (الخطابية) و(التقريرية) وتقصد (التقفية)، وغير ذلك ممَّا علق بالشعر القديم، فهو عبق من رُوحِه، كما يلحظ على القصيدة أنَّ وحدة السطر المعنويَّة تكاد تكون تامَّة، وبذلك انحسر مفهومُ التضمين الذي ألَحَّ عليه باكثير وأوضَحَه وهو يشرح مفهومه (للشعر المرسل) ووضع لفظه (المنطلق) تأكيدًا لتكنيك التدفُّق في هذا الشعر كما هو في نموذجه الوافد.

ويبدو أنَّ (باكثير) لم يعدْ منشغلاً أو مثقلاً بالهموم الفرديَّة التي تجد في البوح الغنائي منفذًا لها.

ويبدو أنَّ (باكثير) لم يعدْ يهتم بتطوُّر أدواته الشعريَّة، وربما كان قد اكتفى بإنجازه في تثبيت هذا الشكل الشعري وإدخاله إلى شِعرنا العربي – على اختلافٍ بين الدارسين – وربما وجَد الشعر قاصرًا عن التعبير عن قَضاياه وهُمومه فقد انشَغَل بالقضايا الكبرى: الوطن والأمَّة والإسلام وحال المسلمين والعدالة والتاريخ، وغيرها من المشكلات والقضايا الفكريَّة التي ظلَّت تُؤرِّقه؛ لهذا اتَّجه إلى أجناسٍ أدبيَّة أخرى مُتوسِّلاً بالنثر أداة في التعبير عن رُؤاه الفكريَّة والفنيَّة، ويتَّضح لنا أنَّ هذا التراجُع عن نظْم الشعر قد بدَأ عام 1936م[31] بعد أنْ قادَتْه الدراسة إلى مراجعة كلِّ المفاهيم والتصوُّرات الأدبيَّة، فإذا أضَفْنا إلى هذا العامل ما سبق أنْ أشرنا إليه من اشتغاله بالقضايا القومية والإسلامية والسياسية وغيرها، بدت لنا تلك القصيدة نافرة بين أصداء كتاباته المسرحيَّة والروائيَّة التي انصَرَف إليها، وإذا تجاوَزْنا شكلَها البنائي وإطارها الإيقاعي أدركنا أنَّ مفهوم باكثير للتجديد ربما عبَّر عن قُصورٍ في النظَر إلى الترابط بين التصوُّر والصورة، بين الرؤيا والتشكيل، فكان حدود التجديد الشعري – الذي ألَحَّ على أن يكون عنوان القصيدة رمزًا له – هو تداعي الشكل البيتي دُون تعميق هذه النظرة إلى ما يتَّصل بِحَداثة الرؤيا، أو بتصوُّر جديد للإنسان والكون والحياة، أو التفات إلى شعريَّة اللغة وتوظيفها جماليًّا، وقد شغلت هذه المسألة بعض الدارسين الذين عرضوا لقضيَّة الرِّيادة والتحديث في الشعر العربي وربما تمتدُّ هذه الملاحظة – حول ما يتَّصل بحداثة القصيدة وجدَّتها – إلى نازك الملائكة وتنظيرها النقدي في هذا المجال؛ إذ كانت نازك تعدُّ الشعر الحر – وهو المصطلح الذي أشاعَتْه – ظاهرة عروضيَّة قبل كلِّ شيء[32] و”إنَّه أسلوبٌ في ترتيب تفاعيل الخليل تدخل فيه بحور عديدة من البحور الستة عشر المعروفة”[33]، ويدخُل ضمن مفهومها النماذج التي قدَّمتها ويمكن أنْ يندرج في إطارها نصُّ باكثير السابق وشعر مسرحيَّاته.

إنَّ عدم التِفات نازك الملائكة الشاعرة والناقدة وربما غيرها إلى شعريَّة اللغة وحَداثة الرؤيا هو الذي أدَّى إلى “هذا الرُّكام الهائل من الدراسات الشعريَّة التي لا قيمةَ لها حول (شعر) ليس شعرًا”[34].

ولم يسأَلْ أحدُهم هل “هذا النص شعر حقًا”؟[35]؛ ولهذا ننظُر بتردُّد وحذَر حول مدى جدَّة النص الذي كتَبَه باكثير عام 1945، إذا ما تجاوزنا الإطار العروضي – على تجزيئيَّة هذا المِعيار وهو اضطرارٌ إجرائي.

لقد اتَّجهَتْ بعضُ الدراسات النقديَّة الجادَّة إلى وضْع مِعيار حاسم للنصِّ الجديد في شِعرنا العربي يتجاوَز مَسألة التجريب والرِّيادة التاريخيَّة إلى الرِّيادة الفنيَّة، وعلى اختلاف صيغ هذا المعيار إلا أنَّ مسألة البناء العروضي والإيقاعي ليست حاسمة ونهائيَّة في هذا التجديد، وإذا كان هذا المعيار قد ورد في إطارٍ إنشائي غائم[36] عند أدونيس، فإنَّه عند الدكتور إحسان عباس أكثر وضوحًا حين يُحدِّد مفهومَه للتجديد الذي يُؤرخ له بدءًا من التجارب الشعرية في الثلاثينيَّات والأربعينيَّات، وانتهاء بالبواكير الأولى للسيَّاب ونازك، فهو يرى أنَّ هذا الشعر “لم يعد تلبيةً لرغبة في التجديد الشكلي – كما بدأ – وإنما أصبح مع الزمن طريقةً في التعبير عن نفسيَّة الإنسان المعاصر وقضاياه ونزوعاته، فهو يتطوَّر في ذاته كلَّما تطوَّرت المداخل لفهْم تلك النفسيَّة والمبادئ المطروحة لحلِّ تلك القَضايا والوسائل الجديدة للكشف عن ضُروب اللقاء والصِّراع في مثل تلك النزوعات”[37]؛ ولهذا نجدُه يبدأ بالالتفات إلى النصوص التي يعدُّها تمثيلاً للرِّيادة الفنيَّة كما تمثَّلت في قصيدة (الخيط المشدود في شجرة السرد) 1948م لنازك الملائكة، و(في السوق القديم) للسياب 1948م[38]، وقد قُدِّرَ لهذا الخط أنْ يتطوَّر في العقد السادس من القرن العشرين، حيث أصبحت القصيدة الجديدة[39] تتَجاوَز – وربما تُزاحِم – القصيدة البيتيَّة وتكسب قطاعًا واسعًا في الحياة الثقافيَّة العربيَّة بما أدَّى إلى ترسيخ هذا الشكل الشعري.

إنَّ إحدى التجارب الأخيرة في حياة باكثير الشعريَّة لم تفصح عن استيعاب النضج الفني وتطور وسائل الأداء الشعري وتعدد تقلُّباته التعبيريَّة، فقد جاءت مطوَّلته الشعريَّة (إما نكون أو لا نكون) التي كتَبَها إثْر هزيمة حزيران 67، وقبل عامين من وفاته، تعبيرًا عن مَرارة النكسة ووقْعها على وجدانه، لقد توقَّف الشاعر عند حُدود الرفض والإدانة ولم يَصِلْ إلى الكشف والتعرية… وقد كان من نتائج النكسة ومَرارتها الوقوف للمُساءلة لماذا؟ وكانت هذه المسألة قد شغلت المفكِّرين والمثقَّفين العرب بمشاريعهم المختلفة.

ونُقدِّم هذا المقطع من القصيدة المشار إليها الذي يُعبِّر عن رفض الشاعر[40]:

لا صُلحَ يا قَومِي وإنْ طالَ المَدَى

وإنْ أغارَ خَصْمُنا وأنْجَدا

وإنْ بَغَى وإنْ طَغَى وإنْ عَدا

ورَوَّعَ القُدسَ وهَدَّ المَسْجِدَا

وشادَ في مَكانِهِ هَيْكَلَه المُمَرَّدا

وشرَّدَ الأُلُوفَ من دِيارِهِمْ وطَرَّدَا

وذبَح الأَطْفالَ والنِّساءَ والشُّيُوخَ رُكَّعًا وَسُجَّدَا

يلتَمِس العَدُوَّ صُلحَنا سُدَى

وَلَنْ نكُونَ أَعْبُدا

إمَّا نكونُ أبَدا أوْ لا نَكُونُ أبَدا

وهذه القصيدة تمثيلٌ للرؤية الشعريَّة السطريَّة شكلاً والبيتيَّة مناخًا ورؤية، إنَّ السطر يخضَعُ للوحدات التي خضَع لها البيت العربي: الدلاليَّة التركيبيَّة والإيقاعيَّة، وتراجع التدفُّق الذي ألَحَّ عليه باكثير وطغَتْ خِطابيَّة البيت القديم لاستِحضاره حماسة الشاعر القديم وبلاغته في مواقف الثأر، وتبرير هذه الخطابيَّة يُفسِّر أيضًا باتجاه انفِعاله ومَرارته إلى الخارج دون الداخل… مع طُغيان الرؤية الذهنيَّة في التناول الشعري.

لقد تخلَّف الإنجاز الشعري عن الوعي النقدي المتقدِّم الذي جسَّدَه نموذج باكثير فيما يتَّصل بثورة الشكل في القصيدة العربيَّة، ولم يتمكَّن الشاعر من تخطِّي المفهوم العروضي للشكل إلى الجوهر المتَّصل بالتصوُّر والرؤيا والموقف في إطار العصر، وربما أدركنا الهوَّة بوضوحٍ لو وضعنا النصَّ المشار إليه إلى جوار قَصائد الشعر الجديد التي عبَّرت عن هذا الموقف وما تلاه (أمل دنقل مثالاً)، وربما كانت طاقة باكثير الشعريَّة لا ترقى إلى قامته الروائية والمسرحية والفكرية عامَّة، ولو كان حظُّ باكثير من هذه الطاقة يَرقَى إلى طاقته الفكرية والروائية؛ “لأصبح رائدًا حقيقيًّا للمسرحية الشعرية والشعر الحر أيضًا، ولكنَّ آراءه الجديدة لم يدعمها شعرٌ عالٍ فتشيع بشُهرة صاحبها وترسخ رِيادته في النظريَّة والتطبيق[41].

ونخلص ممَّا سبق أنَّ الشعر المرسل كان إنجازًا تاريخيًّا قد أشاع الوعي والتساؤل حول مستقبل الشعر العربي… بنائه، تحديثه في العقود الأولى من القرن العشرين، ولقد قصر الشعر عن حمل القضايا الفكرية الكبيرة التي يَنُوء بها كاهل باكثير جزءًا من رسالة الأديب في هذه الأمَّة، فرأى النثر أكثرَ استجابةً؛ فكانت كتاباته الروائية والمسرحية، ولكنَّه لم يُدرِك ارتباط التغييرات الإيقاعية والبنائية في اتِّصالها بالرؤية والتصوُّر الجديد للحياة والكون والتاريخ، وهذا التصوُّر يتطلَّب وسائل وأدوات شعريَّة ملائمة، ولم تسعفه طاقته الفنيَّة لتحويل رُؤاه إلى شعر باستيعاب عناصر التشكيل واستجابتها لهذي الرُّؤَى؛ فتخلَّف الإنجاز الشعري عن وعي التجديد المتقدِّم.

المصدر: من أبحاث (مؤتمر علي أحمد باكثير ومكانته الأدبية)، المنعقد بالقاهرة في 18 – 21 جمادى الآخرة 1431هـ، 1 – 4 يونيه (حزيران) 2010م.


[1] د. عبدالله الغذامي، مقدمة كتاب: علي أحمد باكثير، شعره الوطني والإسلامي؛ د. أحمد عبدالله السومحي، النادي الثقافي الأدبي، جدة 1982م، ص14.

[2] علي أحمد باكثير، فن المسرحية من خلال تجاربي الشخصية، ط2، معهد البحوث والدراسات العربية، دار المعرفة، مصر 1962م، ص6، 8.

[3] علي أحمد باكثير، أزهار الربى في شعر الصبا؛ تحقيق وتقديم: محمد أبو بكر حميد، الدار اليمنية للنشر والتوزيع، بيروت 1987م، وهذا الديوان يُمثِّل نتاج الشاعر بين عامي (1921-1932م) ينظر: ص25.

[4] المصدر السابق، ص163.

[5] المصدر السابق، ص141.

[6] المصدر السابق، ص234.

[7] صحيفة التهذيب، صحيفة خطيَّة صدرت في سيئون عام 1349هـ (1931م)، ثم طُبِعت أعدادها العشرة مجموعةً وصدرت عام 1350هـ عن المطبعة السلفية ومكتبتها، مصر.

[8] المصدر السابق، العدد 1، شعبان 1349هـ، المقدمة، ص3، 4.

[9] المصدر السابق، العدد 3، 4، شوال، ذو القعدة 1349هـ.

[10] صدرت عام 1353هـ عن المطبعة السلفية ومكتبتها، مصر.

[11] علي أحمد باكثير، فن المسرحية، ص7.

[12] ينظر: مسرحية همام… ص59 وما بعدها، وموازنة ذلك بأجواء البادية وعواطف العاشق في مسرحية شوقي المشار إليها.

[13] الحجازيات، مجموعة قصائد مخطوطة للشاعر (بحوزتي صورة منها) وإني مدينٌ في الحصول على هذه الصورة وغيرها من القصائد المصورة للصديق الدكتور محمد أبي بكر حميد، الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض؛ حيث كان مهتمًّا بحكم اختصاصه بقضايا المسرح عند باكثير، وأهداني هذه المصورات لقصائد الشاعر، وأتمنى من الله أن نجد الفرصة للقيام بدراستها.

[14] ينظر: علي أحمد باكثير في مرآة عصره، د. محمد أبو بكر حميد، مكتبة مصر، مصر 1991، الباب الأول، مقالات ص15، 20، 30.

[15] علي أحمد باكثير، نظم البردة أو ذكرى محمد – صلَّى الله عليه وسلَّم – مطبعة الشباب، مصر 1991م، ص3.

[16] ينظر: فن المسرحية، ص7.

[17] مجلة الرسالة، العدد 137، السنة 4، المجلد الأول فبراير 1936م، ص266.

[18] مجلة الرسالة، العدد 135، فبراير 1936م، ص186.

[19] فن المسرحية، ص9.

[20] مسرحية روميو وجولييت؛ لشكسبير، مكتبة مصر، 1946م، المقدمة، ص3 ويذكر فيها أيضًا أنَّ الترجمة قد تمت قبل عشرة أعوام من عام النشر (1946م).

[21] أشرنا إلى هذا التحوُّل في رسالتنا: التجديد في شعر اليمن الحديث 1990-1995م، وهي أطروحة للماجستير مطبوعة بالآلة الكاتبة، معهد البحوث والدراسات العربية، بغداد 1988م، ص175.

[22] الرسالة، عدد 57، أغسطس 1934م.

[23] علي أحمد باكثير… د. السومحي، ص67.

[24] فن المسرحية، ص12.

[25] فن المسرحية، ص31.

[26] باستثناء تجربة محمد فريد أبي حديد تأليفًا وترجمة بين عامي (1919-1923)، لولا أنَّ التأسيس العروضي والتنظير له أكثر ضبطًا عند باكثير؛ إذ كان أبو حديد يرى صلاحية بحور منوعة التفعيلات لهذا النوع؛ كالسريع والمنسرح والخفيف، ينظر: د. خاطر، مجلة الكاتب، السنة 71 العدد 201 ديسمبر 1977م، ص9.

[27] روميو وجولييت، ص21.

[28] ينظر: س. موريه، الشعر العربي الحديث 1800-1970م؛ ترجمة وتعليق: د. شفيع السيد، د. سعد مصلوح، دار الفكر العربي، مصر 1986م، ص213، ويرى المؤلف أنَّ مصطلح الشعر غير المنتظم في الإنجليزية أقرب إلى الدقة حين تصف التطوير الذي أحدَثَه باكثير وحاول محاكاته السيَّاب ونازك في نهاية الأربعينيَّات، وحول مفهوم الشعر غير المنتظم ينظر: ص213، 301، 472، من المصدر المشار إليه.

[29] ينظر على سبيل المثال: مجلة الآداب منذ ديسمبر 1953م وحتى أعداد 2، 4، 5، 6 عام 1954، ومجلة الكاتب الأعداد (201) 1977م، و(205) و(206) عام 1978م الكاتب للدكتور محمد عبدالمنعم خاطر ص77، 78، وينظر: مدخل إلى الشعر العربي الحديث، د. نذير العظمة، جدة 1988م، من ص137-159.

[30] الرسالة، العدد 25، يونيو، 1945.

[31] السومحي، ص67.

[32] نازك الملائكة، قضايا الشعر المعاصر، ط6، دار العلم للملايين، بيروت 1981م، ص69.

[33] المصدر السابق، ص74.

[34] أدونيس، الثابت والمتحول، صدمة الحداثة، ط2، دار العودة، بيروت 1979، ص249.

[35] المصدر السابق، ص250.

[36] المصدر السابق، ص294-297.

[37] إحسان عباس، اتجاهات الشعر العربي المعاصر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة عالم المعرفة، الكويت 1978م، ص32.

[38] المصدر السابق ص35، 36، وينظر: س. موريه، الشعر العربي الحديث، ص302، 303.

[39] أطلقت تسميات عدَّة على هذا الشكل الشعري، وقد استخدمنا هذا المصطلح هنا لملاءمته منحى التجديد في الدراسة، وإن كان مصطلح شعر التفعيلة أكثر دقَّة ولتعدد تسميات هذا الشعر، ينظر: س. موريه الصفحات: 304-306.

[40] ينظر: السومحي، ص170، وبحوزتي صورة للنص كاملاً، وأنا مَدِين بالفضل في ذلك للصديق الدكتور محمد أبي بكر حميد الذي أهداني نسخة منه.

[41] د. جلال الخياط، الأصول الدرامية في الشعر العربي، دار الرشيد، بغداد 1982م، ص101.